عيد ميلاد سعيد
عيد ميلاد سعيد… هكذا تتعانق البدايات مع نهايات صامتة، وهكذا تنفتح أمامي أبواب سنة جديدة، لا كأرقام تضاف إلى تقويم معلق على الجدار، بل كخطوات أخرى في مسير طويل لا أعرف له تمامًا طريقًا ولا خاتمة. إنني أستقبل عامي الثاني والثلاثين كمن يضع كفّه على صدره، محاولًا أن يسمع دقات قلبه بصفاء أكثر، وأن يُنصت إلى الحياة لا بوصفها سباقًا، بل كأنها بستان، أتمشّى فيه ببطء، وأتنفس فيه عطراً خفيفاً يكفي لأن يوقظ دهشتي . لقد تعلّمت أن الكبر في العمر لا يعني فقط عدّ السنين، بل هو أشبه بمرور ضوء خفيف عبر زجاج الروح: يضيئها أحيانًا، ويترك عليها شقوقًا أحيانًا أخرى. في داخلي طفل لم يبرأ من صدمته الأولى أمام اتساع العالم وغرابته، طفل لا يزال يسأل عن جدوى كل هذا، وعن معنى أن نستيقظ كل يوم لنواجه قلقنا وبهجتنا معًا . هذه السنة، أريد أن أكون أكثر قبولًا لضعفي قبل قوتي، وأكثر رفقًا بالآخرين، وأكثر وفاءً لذلك الحلم البعيد الذي يسكنني منذ الصغر. أريد أن أتعلم أن الإصغاء أبلغ من القول، وأن الرحلة أثمن من الوصول . وإن كانت كلماتي لا تستطيع أن تلمس كل ما أعيشه، فإنها على الأقل تحاول أن تصوغ خيطاً يربطني ...