المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2018

في الحياة

صورة
الحياة استثناء فريد، يجب أن نعيشها كما هي.   ليست لعبة، لا مسرحية و لا سلسلة تجارب، إنما الحياة لحظة زمانية متكاملة يجب أن يعيشها الشخص بتكيف ذكي، أقصد تزامن القرار الصحيح مع الظرف الصحيح. الذي لم يستطع ذلك، يقول بأنها لعبة،   لأنه لم يقدر الانضباط مع جديتها، يقول بأنها مسرحية، لأنه لم يفهم واقعها الشامل، أيضا، يقول بأنها سلسلة تجارب، فقط لأنه لم ينجح مواكبة لحظاتها بشكل وازن . ليست الحياة غموضا، بل إنها قدرة الشخص على التكيف مع السياق الذي يعيش فيه بطريقة جدية، موضوعية ومسؤولة. بيد أن الأغلبية تفضل الطريقة الجاهزة، أقصد المصنع الاجتماعي، بدل طريقة فريدة تخص الواحد وحده، تشكل الاستثناء،  فالاستثنائيون هم الذين يعيشون الحياة حقا. ك.ج

اعتراف رجل معاصر: قصتان قصيرتان جدا

صورة
الاغتراب حلَ الصباح و أنشدت العصافير فصاح الديك، توا عم الصمت في المدينة. الجميع نائم و لا يتمشى في الشوارع سوى قطط الصباح المُغتربة ، و كقط مغترب متسكعا الأزقة أتسكع بين الأفكار ، هو يبحث عن قوت الصباح ليبدأ يومه نشطا قويا، و أنا أتسكع بين أفكاري باحثا عن واحدة تمدني السكينة، لأستطيع النوم، فلا طاقة عندي لمواجهة النهار. إن نهار مجموعة من القطط ليس خانقا كنهار مجتمع من الأفراد تربطهم عادات و قوانين و أفكار و عواطف... فتحت نافذتي و أشعلت سيجارة و في الآن ظهر لي قط رمادي اللون يتمشى في  الزنقة، يتبع الروائح و بقايا الطعام. فكرت في الأمر حتى تذكرت أنَني أيضا أتبع روائح الحياة و بقايا أطعمتها، أن عندي موعد في الساعة التاسعة صباحا، و يجب أن أكون في المقهى منتصف النهار، و أذهب بعد ذلك للمكتبة حتى يحل المساء. كانت ليلة بيضاء، و رغم ذلك، لا بد من أن أكون اجتماعيا، فتلك هي طبيعتي كما للقط طبيعته. استحممت كالاله غافرا لعقلي ذنوب أفكاره، و خرجت من المنزل شابا يافعا مليئا بالنشاط. لن أعود للمنزل إلا حينما تنتشر الظلمة في أنحاء المدينة، و أعرف يقينا أنني سأفكر في مشكلة القط مجدد...

روح طائر: نصوص أدبية مبعثرة

صورة
من أجل الخلاص الوجودي على الحافة من أنا ؟ الخلاص، إعادة الاستمرار .. الضائع يرمى، و لا يضيع "أنا":  الإرادة الوجودية المتفلسفة... الحب هنا، الكل يمر بجانبه.. هنالك من يتظلل تحته ثم يرحل، و هنالك من يسخر و هو مار بجانبه ثم يختفي. الوجود هنا، الكل يمر بجانبه..  هنالك من يتظلل تحته ثم يرحل، و هنالك من يسخر و هو مار بجانبه ثم يختفي. أنا هنا.. لن أتظلل تحت وجودي ثم أرحل،  و لن أمر على وجودي ساخرا ثم أختفي. روح طائر روح طائر تموت فجأة، و فجأة تنبعث، روح طائر تستمر في الاستمرار، روح طائر تكبر و تتسع،  روح طائر تهب أملا للإنسان .. أنا إنسان إذن أنا دَورْ دورنا في الوجود هو محاولة أن نعرف من نحن، كل واحد منا يعيش دوره في اكتشاف نفسه...الكون في سيرورته، و نحن، كل واحد منا، في سيرورة أيضا..الفرق أن الأولى مستمرة بوجودنا أو بانعدامنا،  و الثانية تتوقف فجأة دون أن يتوقع توقفها أي أحد..حياتنا ليست كحياة الكون،فحياة الكون ربما ليست من أجل الاكتشاف.. و حياتنا لابد لها من الاكتشاف كي تستمر. الآخر حُب إذا التقيت بإنسان، و هذا احتمال وارد لأنك اجتماعي بطبعك،...

الندم: ما تتعلمه الإنسانية من تجاربها

العالم و الوجود، مأساة الحضارة.. هنالك خطأ واحد تقوم به البشرية دائما، يجعلها ضعيفة باستمرار، يدفعها في كل مرة إلى الابتعاد من قيمتها الخالدة في هذا الوجود، إنه عدم إرادتها في رؤية نفسها بالطريقة المسؤولة في الحاضر.   تغرق نفسها بنفسها في وحل التجارب التي تخوضها دون وعي، تندفع غرقا حتى تصل إلى القاع و تصرخ بصمت: " يا للندم، لكن الأوان قد فات" و في صوت مسموع تحاول أن تتحدث بهدوء :" هكذا الحياة، عابثة، و ما نحن إلا كائنات نعيش تحت قوة الإكراهات" فتستسلم و تجعل ضعفها فيها يتسع أكثر و أكثر، و تستمر في هذا الوضع مع كل مرحة تعيشها في روح الأجيال المتراكمة على هذه الأرض، تعيش الأجيال مرحلتها بقليل من السعادة، و الكثير من الندم يملأ كيانها فتموت. دائما ما يولد في حضن هذه الأرض كائنات إنسانية حرة، تفهم هذا الوضع بليونة ذكاءها و قوة إرادتها التي تبدو في مظهرها بالنسبة للعالم جنونا أو مرضا، تحاول هذه الأرواح الزرقاء الحرة المناداة بالتسامي على هذه التجارب الواهية، المناداة بالحب و مشرعة الوجود البشري بالمسؤولية و...

قرية العمال

صورة
عُدت إلى القرية ـ الوطن، بعد سنوات من الغربة، رومانسيا أو مليئا بالحياة، بدوت للأهالي غريبا، لأنني لم أعد شبيها لأحد، أصبحت ما أريد أن أكون.. في قريتنا، جبل جميل، تزينه المناجم و أكوام الحصى على سفوحه و على القمم، في كل صباح يستيقظ العمال بمختلف الأعمار، صغارا و كبارا، يحملون معهم خبزا و ماء، يجرون أرجلهم نحو المناجم، ليكسبوا قوت يومهم، دراهم لشراء الزيت و السكر و القمح. في قريتنا، لا أحد يهتم بمعنى أن يكون الإنسان إنسانا، له فؤاد محب و عقل مفكر و أحلام، لقد مات الناس هنا قبل الأوان، المنازل كالمقابر، الأفراد هنا أشباح: يتحدثون لغة ميتة، يمارسون ثقافة ميتة و يتنفسون البؤس، الكل حزين و محطم، الكل لا يرغب إلا في أن يعاني منتظرا قدوم يومه المقدس، حينما يدفن تحت التراب و يقول عنه السكان: لقد كان رجلا طيبا.   في قريتنا، لا معنى للكتاب، لا معنى للحب، لا معنى للأمل، كل المعاني تبدأ وتنتهي في عبارة: الخبز كرامة الرجال و شرف المرأة في البيت و تربية الأبناء. في قريتنا، الطبيعة قاسية ، الفصول منعدمة، الجو مكتئب، النهار كابد طويل أكثر من الليل أو بالأحرى لا يوجد ليل، النجوم تخجل...

في الجَحِــــيمْ

"تقبل الواقع و تعايش معه" لا أعتقد بصحة هذا الرأي. من الممكن، ربما، أن نستبدله   بالآتي: " أن لا نخاف من الجحيم، أن لا نظهر عداوة تجاهه."   إن واقعنا جحيم لا بد منه، على حد تعبير التاريخ إن استمعنا لخطابه الموضوعي، المستقل، فينا.   إن الوعي الإنساني هو الذي يحدد مجرى التاريخ، يرسمه، يصنعه، يبنيه و ليس العكس، فكيف يمكن للموتى أو أشباه الموتى أن يعوا شيئا؟ أن يدركواالتاريخ؟ معنى الحياة و سؤال المشروع! من المفروض، كما أرى، أن نتحدث عن الثورة على الواقع، تماشيه مع إرادتنا أو وعينا... ليس من الممكن، و أكيد هذا الأمر، أن نظهر العداوة للجحيم، فهو الأقوى، أن نعبر عن خوفنا منه، فهو الوحش الكاره للضعفاء، مالك حيواتهم. لا يمكن للإنسان أن يكون حرا و سعيدا و مستقلا، هكذا، دون أي مقابل. إن العالم لم يتواجد كي يحقق ازدهار الذوات، كي يضمن الاستقرار لكل فرد، لم يتطور كي يمنح لكل إنسان فرصته الغنية عن التعبير في أن يبدع و يحب و يشعر بالسلام و السكينة، فوجود الإنسان و مصيره يبدأ و ينتهي من وعيه. عالمنا واقع حرب وعنف، رغبة شجعة لموت الآخر، لامتلاكه، لقد ولد كل إنس...

أسطورة الإنسان الشرقي: خطاب قصير بأسئلة مفتوحة

صورة
"العرب ظاهرة صوتية" قال عبد الله القصيمي  يوما، لا يجيدون شيئا غير الكلام، و   الازدهار لا يتحقق بالصوت فقط، بل بالإرادة و التنظير فالممارسة... هل يستطيع الإنسان الشرقي أن يُريد؟ أن يُنظر و أن يُمارس؟ أم أنه سيبقى مَجليا، مَنفيا في بلاده، لا يعرف ذاته و لا يعرف العالم؟ يأمل خيرا في موته و يهرب من حياته صانعا بهذه الدراما أسطورة جديدة: أسطورة الإنسان الشرقي، الذي لا يعرف ما هي الحرية؟ ما هو الحب؟ ما معنى الاستقلالية؟ كل ما يعرفه هو أن الله خلقه كي يكون رجلا شهما، لديه أرضه و ماله و زوجته، زوجاته، أولاده، خلفه. إن معرفة الحياة مغامرة كبيرة، قلق وجودي حر، إنها لا تأتي من الفراغ: أقصد التربية التي لا تهدف الرقيَ بل تعيد إنتاج نفس المعتقدات في عقول الناشئين. أرى أن المجتمعات العربية ليست حرة بالمعنى الفلسفي، ليست عالما حالما.. فالشباب، كل الشباب قلقون من الفشل في عدم إيجاد فرصة عمل، أي فرصة تحقيق لما بداخلهم من آمال و تطلعات، هذا القلق ليس طبيعيا، لقد تربوا عليه منذ صغرهم... ماذا يجب على الإنسان الشرقي أن يعرفه حول نفسه؟ هل يسأل السياسيون هذا السؤال؟  هل تفكر الأم...

مفهوم الجسد عند ديكارت

صورة
René Descartes " إنني لست مقيما في جسدي كما يقيم الملاح في سفينته، ولكنني متصل به اتصالا وثيقا، ومختلط به بحيث أؤلف معه وحدة منفردة، ولو لم يكن الأمر كذلك، لما شعرت بألم إذا أصيب جسدي بجرح، ولكني أدرك ذلك بالعقل وحده، كما يدرك الملاح بنظرة أي عطل في السفينة" رينيه ديكارت يُعتبر الجسد موضوعة فلسفية بامتياز، حيث الحديث عن فلسفة الجسد حديث الفلاسفة دائما، منذ فجر التفكير الفلسفي عند اليونان حتى أيامنا المعاصرة. إن   ديكارت لمن أبرز الفلاسفة الذين اهتموا بفكرة الجسد، "أبُ الفلسفة الحديثة" كما كان يطلق عليه. فما هو الجسد عند ديكارت؟   و ما هيَ خصائصه؟ إن الجسد عند ديكارت خاصية إنسانية تدخل في إطار نظريته الثنائية حول الإنسان، حيث إن هذا الأخير يتكون من عقل (أو روح/ نفس) و جسد ( مادة أو موضوع).   في كتابه" تأملات في الفلسفة الأولى meditations in the first philosophy   1641  يقدم ديكارت أطروحته حول التمايز و الاختلاف الكامل بين العقل و الجسد، حيث إنهما منفصلين عن بعضهما، فالجسد امتداد للعقل،   لن يفنى   و يتغير، لكن العقل مستقل عنه، إنه...

رسائل: في التفلسف

صورة
التفلسف من الدهشة و هي من الفضول و إنه منبع التجربة الأولى بين الإنسان و المحيط، بناء على هذا ،أعتقد، أن الإنسان المعاصر لابد له من تحرير قدرته على التفلسف من مأساة الثقافة التي تتسبب في استمرار الأزمة الوجودية التي تعيشها الإنسانية المعاصرة، مؤثرة بذلك في تاريخها، فَمصيرها في هـذا الكون. إن التفلسف، التفكير الفلسفي،   موضوع يستحق أن يهتم به الفرد وذاته، المجتمعُ و أفراده، لأنه طريق فهم الواقع الذاتي لكل شخص خاصة، بل الواقع الإنساني عامة ،و هكذا، يمكن التخطيط للوضع البشري المنشود "حقا". لهذا كان دائما و لازالَ الفلاسفة مصدرا مُلهما، بَناءً، غدَا مُخططا للحياة الاجتماعية على مر التاريخ. إن الفيلسوف إنسان الفهم و   التغيير. فأو ليس لهذا يجب أن تُركز التربية أهدافها؟ الثقافة عناصرها؟ و أن يركز "التمثل الإنساني" تمثله لنفسه و لطبيعة الأشياء من حوله. إن الدهشة فلسفة الأفكار، تعني القدرة على رؤية العالم من منظور فريد مختلف عن السائد، إن الدهشة تلد الفلاسفة. تلد التفكير الفلسفي لدى الإنسان. حيث يستطيع ممارسة ملكة النقد لديه و بناء نسق في تفكيره بالظواهر مُختل...