حواريات مارتن و كارل: فضيلة للبيع... بنصف ثمن
كارل (بصوت متهدج):
إنني صرت لا أعرف كيف
أشرح ما يقع... كيف يمكن أن يحدث هذا؟ إنني أفعل ما أراه صوابًا، بل أعيش كل يوم
باحثًا عنه، منقبًا عن تلك الشرارة الصغيرة التي تسمى الخير. ومع ذلك... يبدو أن
العالم يسخر مني، وكأن الفضيلة مجرد مزحة في سوق مكتظ بالأنذال.
مارتن (يرفع حاجبيه،
نصف ابتسامة ساخرة):
أنت تتحدث كمن اكتشف
سرًّا، بينما ما تقوله هو أقدم من سقراط. حاول أن تشرح أكثر: هل الخير الذي تريده
هو لك، أم للعالم الذي لا يكترث لك؟
كارل (متحمسًا، يتقدم
خطوة):
كلاهما! أريده لأنني
أشعر أنني إن لم أنتمِ للفضيلة سأفقد نفسي، وسأغرق في هذا الوحل من التناقضات.
وأريده للآخرين لأن حياة بلا أخلاق ليست سوى قطيع بلا راعٍ... لكن المشكلة أن
القطيع نفسه يضحك على من يحاول أن يقوده نحو الضوء.
مارتن (بصوت هادئ،
يميل على كرسيه):
إذن، تريد أن تكون
راهبًا في سيرك، عاشقًا في مقبرة، فارسًا في زمن النيون والإعلانات. أليست هذه
رومانسية ميؤوس منها؟
كارل (ينظر إليه بحدة):
أو لعلها هي وحدها
الحقيقة. ألا ترى؟ الإرادة الخيّرة لا تُقاس بنجاحها في العالم، بل بإصرارها على
ألا تخون ذاتها. أن تحب الخير، حتى حين يسخر الجميع من الخير. أن تظل وفيًّا لما
هو نبيل، ولو بدا ذلك غباءً في نظر السوق، وتفاهة في عيون اللاهثين وراء الربح.
مارتن (يتنهد، بنبرة
ساخرة ورقيقة معًا):
ربما، وربما أنت مجرد
شاعر متخفٍ في زي فيلسوف. لكن اعترف، يا كارل... أليس في قلبك شيء من الحب، حب
امرأة ربما، هو الذي يجعلك تتحدث عن "حب الخير" وكأنك تتغزل بمحبوبة؟
كارل (يبتسم لأول مرة،
ابتسامة حزينة):
ولمَ لا؟ إن حب المرأة
والفضيلة من طينة واحدة... كلاهما وعد بالسمو وسط هذا الطين.
يصمتان لحظة، كأن
الغرفة تنصت معهما. مارتن يضحك بخفة.
مارتن:
إذن، فلنضحك معًا أيها
الحالم. لنضحك ونحمل وصايا الفضيلة كما يحمل عاشقان سرّهما... في عالمٍ لا يملك
أذنًا ليسمع.
يخرجان معًا من
الغرفة، يذوب الحوار في ضحكة مريرة رومانسية.
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق