حواريات مارتن و كارل: من يشتري الغيوم؟
المشهد الافتتاحي:
إضاءة صفراء كئيبة، كأن الشمس علقت في منتصف الاحتضار...كرسيان خشبيان في منتصف الخشبة، أحدهما فارغ، والآخر يجلس عليه كارل متكئًا للخلف...
مارتن يدخل بخطوات واثقة لكن مريبة، كأنه يفتش عن فكرة ضائعة في الجيب الخطأ....
كارل (ينظر إلى الفراغ أمامه وكأنه يتحدث إلى
كون شفاف): مارتن… لقد فكّرت في كل شيء.
كل شيء. حتى أنني بدأت أفكر في كيف كنت أفكر… ثم فكرت أنني فكرت بما يكفي… ثم فكرت
أنني لا أريد أن أفكر… ثم فكرت في ذلك أيضًا.
مارتن: (يجلس ويضحك)
كل شيء؟ يا رجل، أنت لم تفكر في سبب اختفاء الجوارب في الغسالة!
كارل: (يغمض عينيه)
هذا ليس سؤالًا فلسفيًا، هذا لغز من الدرجة الثالثة في جهنم.
مارتن:
بل هو قمة الفلسفة اليومية. إذا لم
تستطع تفسير الجورب المفقود، فلن تفهم الكون.
كارل: (بهدوء)
الكون؟ الكون مجرد غسالة ضخمة…
ونحن الجوارب.
مارتن: (ساخرًا)
جميل، إذن من هو مسحوق الغسيل؟
كارل: (يفتح عينيه فجأة)
الوقت… الوقت يلتهم
الألوان أولًا، ثم القماش، ثم (يتوقف وكأنه قال شيئًا خطيرًا) ثم أنت.
مارتن: (يهز رأسه وكأنه يحاول طرد الفكرة)
كارل، مشكلتك أنك لا تعيش، أنت تستهلك الحياة كما يستهلك أحدهم النشرات الإعلانية:
يقرأها، يطويها، يرميها، ثم يشتكي من فراغ البريد.
كارل: (بنبرة شاعر محبط)
لأن النشرات الإعلانية
أوضح من النشرات الإلهية.
مارتن: (ضاحكًا)
وهل تتوقع أن الإله سيرسل لك
بريدًا إلكترونيًا بعنوان: "تحديث جديد لبرنامج الحياة"؟
كارل: (بجدية)
ولم لا؟ على الأقل سأعرف إذا كان
بإمكاني إلغاء الاشتراك.
مارتن:
أنت لا تريد أن تعيش، أنت تريد أن تكون
فكرة، فكرة تمشي في الشارع وتطلب قهوة.
كارل:
نعم… وفكرتي عن نفسي أفضل من نفسي عن
نفسي.
مارتن: (يضحك)
إذن أنت مؤجر نفسك لفكرة.
كارل: (ينظر له بحدة)
لا… أنا مؤجر فكرتي
لشخصيتي… والشخصية الآن متأخرة في الدفع.
صمت قصير. مارتن يمد يده نحو الكأس على
الطاولة، يكتشف أنه فارغ.
مارتن:
حتى الماء هرب من هذا الحوار.
كارل:
الماء ذكي… يعرف أن الغرق في الأفكار
أخطر من الغرق في البحر.
مارتن: (بهدوء)
ربما لهذا لا أسبح معك.
كارل: (يبتسم)
وأنا لهذا أغرق وحدي.
المشهد الختامي:
إضاءة تنطفئ ببطء. صوت بعيد
يشبه انكسار كأس، ثم ستار...
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق