حواريات مارتن و كارل: حين يحكم الدجاج
كارل: منشغل ببناء كوخ خشبي بسيط في وسط الخشبة. يحمل مطرقة ويتحدث مع نفسه أحياناً.
مارتن: يقف بملابس أنيقة، متأنق أكثر من اللازم، ينظر باستغراب.
الدجاجة (صوت أو ظل على الحائط): تظهر أحياناً بصوت عابر أو بضحكة خافتة.
مارتن (ساخراً):
هاي كارل... ماذا تفعل هنا؟ تبدو وكأنك تكتب وصيتك على ألواح خشب!
كارل (مطرقاً، دون أن ينظر):
بل أبني كوخاً يا مارتن.
مارتن (مندهشاً):
كوخ؟! في زمن ناطحات السحاب، أنت تعود إلى الكوخ؟
يقفز فجأة كمن اكتشف شيئاً
آه! هل هربت من فاتورة الكهرباء؟
كارل (مبتسماً):
أهرب؟ لا يا صديقي... بل أؤسس مملكة.
مارتن (ضاحكاً):
مملكة؟ أي عرش خشبي هذا؟
كارل (بهدوء يشبه المكر):
مملكة للدجاج.
مارتن (يقهقه):
هاهاها! وهل ستجلس الدجاجات على العرش وتخطب في الشعب؟
كارل (متأملاً السماء):
ولِمَ لا؟ البشر جربوا الخطابة قروناً ولم يأتوا إلا بالحروب. ربما إذا
خطبت الدجاجة، سيتعلم البشر شيئاً من الحكمة.
الدجاجة (صوت خافت من الظلال):
قاقااااع! (تضحك وكأنها توافق).
مارتن (يتراجع خطوة):
يا رجل... حتى الدجاج يضحك من أفكارك!
كارل (يطرق لوحاً بالمطرقة):
الدجاج لا يضحك يا مارتن، بل يسخر. والسخرية أعمق من الضحك.
مارتن (بتعالٍ):
لكن لماذا الدجاج؟ لماذا لا تُربي نسوراً، أو على الأقل بطريقاً؟ شيء
يليق برجل مثقف مثلك.
كارل (يميل نحوه):
لأن النسر يتوهم أنه حر... يعلو ثم يسقط برصاصة. أما الدجاجة، فهي تعرف
أنها سجينة... ومع ذلك تبيض.
مارتن (مستفَزّ):
وهل تريد أن تُصبح فيلسوف الدجاج؟
كارل (بجدية ساخرة):
بل وزيرها الأول.
الدجاجة (بصوت متقطّع):
قاقاقاااع... (ثم فجأة بصوت بشري ساخر) لقد سبقوك يا كارل، البرلمان مليء
بنا.
صمت طويل. مارتن ينظر إلى الظلال مرتاباً، كارل يكمل البناء بهدوء.
مارتن (متردداً):
كارل... هل أنت بخير؟
كارل (بهدوء يشبه النبوءة):
أنا بخير يا مارتن. لكن لست متأكداً منك. ربما غداً، حين ترى الناس يزحفون
نحو هذا الكوخ، ستفهم.
مارتن (ضاحكاً بعصبية):
الناس؟ إلى دجاجك؟
كارل:
إلى بيضها يا صديقي... ففي آخر المطاف، لا يحكم العالم إلا من يملك الإفطار.
تضحك الدجاجة بصوت عالٍ، يملأ المكان، فيغطي على ضحك مارتن الذي يتحوّل
تدريجياً إلى سعال، ثم إلى صمت.
إظلام تدريجي.
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق