جرح ونظارة ونورة
عينيّ العزيزتان… يا من صبرتما معي منذ 2020 دون أن تريا وجه طبيب، كنت دائمًا أعدكما بوعد رجل مسؤول: "غدًا سنزور الطبيب"، ثم يأتي الغد فأستبدله بالأسبوع القادم، والأسبوع القادم يصبح الشهر المقبل… وهكذا دخلنا موسوعة غينيس في التسويف.
لكن اليوم، 13 أغسطس، في قلب صيف طنجة الحارق، قررت أن أخرج لأفعل شيئًا بالغ الأهمية: شرب قهوة وإرسال بعض الإيميلات… الإنجاز الذي يمكن أن يُكتب في سيرتي الذاتية. خرجتُ، احتسيت القهوة وكأنني مفكر فرنسي في القرن التاسع عشر، ثم في طريقي للعودة تذكرت أن جرح إصبعي، الذي اكتسبته من معركة حامية في المطبخ ليلة البارحة ضد بصلة متمردة، ما زال بحاجة إلى لصق طبي.
وأنا أبحث عن الصيدلية، وجدت محلًا يبيع "مستلزمات طبيعية"، دخلت، استقبلتني سيدة بابتسامة من النوع الذي يجعلك تفكر أنك على وشك شراء شيء لا تحتاجه. سألتها عن اللصق الطبي، فأعطتني واحدًا، لكن عينيّ (اللتان كانتا السبب في كل القصة) تجولتا ووقعتا على نظارات طبية للقرب.
سألتها، بجدية العالم الثالث: "هل أحتاج لوصفة طبيب؟" قالت: "لا، جرب فقط حتى تجد ما يناسبك". وهكذا، جلستُ هناك كأنني أختبر سيوفًا ساموراي، أجرب زوجًا بعد الآخر، حتى وجدت ذاك الزوج الذي أشعرني أنني أستطيع قراءة عقد إيجار دون صداع. اشتريته، وخرجت منتشيًا كما لو أنني اكتشفت قارة جديدة.
لكن في الطريق، وبين كل خطوة وأخرى، كان هناك اسم يتكرر في رأسي بإلحاح مريب، كقرع طبل في منتصف الليل: "نورة… نورة… نورة". لم أعرف لماذا، لكن بدا الأمر وكأن المدينة كلها تردد الاسم معي، والريح والحرارة وضوضاء السيارات صارت كورالًا خلفيًا لهذا النشيد الغامض.
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق