قريبًا أو بعيدًا...

لست أدري إن كانت المسافة تعني شيئًا الآن، فالألم نفسه يأتي من القريب كما من البعيد، والخوف يولد من نفس المكان الذي وُلد فيه الحب... لم أعد أرى الفروق، بل أراها تتلاشى مثل موجة في الماء.
وحيدًا في كل صباح جديد، تتكرر اليقينيات، تتراكم مثل حجارة تصنع قبري وأنا أمشي... يقين أن "الآخر" ما هو إلا ظلي عندما أكون في النور، وسرابي عندما أكون في العتمة. ظننت أنني سأكبر لأندمج، لكنني كبرت لأتسلخ، لأراني عاريًا من كل ما كان يدفئني.
فكرة المجتمع التي حلمت بها، كانت جميلة كالحلم، لكنني الآن أراها كقناع كبير، كلما اقتربت منه رأيت الشقوق فيه، رأيت العيون التي تخاف لا التي تحب، والقلوب التي تقيس لا التي تمنح.
أراني في الضفة الأخرى، لا كبطل ولا كمنفي، بل ككائن يرى... يرى الأشياء من بعيد، يفهمها، يحزن لها، ولا يستطيع أن ينكرها. نظرتي للعالم أصبحت قيدًا عليّ، لأنها لا تتطابق مع نظرتهم، وإن نطقت بها، جرحت من أحبهم، أو أخفت من لا يريد أن يرى، أو خذلت من ما زال يحلم بالقطيع.
أشكو لنفسي لأنني أرفض أن أموت داخليًا.
أشكو لأنني أريد الفرح لا كترف، بل كحق.
أشكو لأنني أريد أن أحب، أن أُحَب، لا بعيون المجتمع، بل بعينيّ كما هما.
أشكو لأنني لا أحمل سلاحًا، لكنني أحمل نورًا... ولا أخجل أن أسميه نورة.
أنا لا أصرخ، لا أُحرض، لا أمارس الثورة... لكنني مستنير. أُحب، وأحلم، وأتألم، وأكتب.
أريد لنفسي ولمن حولي، لا الحقيقة وحدها، بل سلامًا معها
.

ك.ج

تعليقات

أكثر التدوينات قراءة

مفهوم الجسد عند ديكارت

ينمو التفكير في عقل الإنسان: المقالة العاشرة و الأخيرة ( أفكار فلاسفة ما قبل سقراط/ السفسطائيون)

ينمو التفكير في عقل الإنسان: المقالة الثامنة ( أفكار فلاسفة ما قبل سقراط/ أناكساغوراس)

كانط في المستقبل و نصوص أخرى

ينمو التفكير في عقل الإنسان: المقالة الثانية ( أفكار فلاسفة ما قبل سقراط/ فلاسفة الطبيعة)

ينمو التفكير في عقل الإنسان ( المقالة الأولى " نحوَ فلاسفة ما قبل سقراط")