أنس، إلينا و كارل
كنت لا أعرف كلميم.
قيل لي ذات
مساء إنها "باب الصحراء"، لكن لم يقل لي أحد إنها أيضًا باب التأمل...
أو النسيان.
وإلينا، لم تزر
المغرب أبدًا.
ربما كانت
تعتقد، ببساطة، أنه لا يستحق أن يُزار، أو ربما كانت تنتظر أن تزور مكانا آخر، فضاءٌ
لا يُرى في خرائط السفر... بل يُرسم في خرائط الداخل.
أنس هو الذي
جمعنا.
أنا التقيته في
الرباط. مدينة الزوايا الناعمة، والجراح الأنيقة.
وهي التقت به
في فيتنام.
ما الذي يجمع
بين الرباط والفيتنام، سوى رجلٍ يشبه الأساطير التي لم تُكتب بعد؟
ربما أنت الآن
تقرأ هذه الكلمات وتتساءل: من هو أنس؟ ولماذا يملأ اهتمامي حتى هذا الحد؟
وما علاقته بي؟
بها؟ بنا؟
أفهم استغرابك،
لكن دعني أقول لك شيئًا:
الناس ليسوا
دائمًا أشخاصًا. أحيانًا هم رموز.
وأحيانًا، تكون
الأسماء مجرد عتبات لقصص أكبر.
ما يعني شيئًا
حقًّا، هو الحدث، اللقاء، الصدفة، تلك النظرة الأولى التي غيّرت مجرى نهر
كامل، دون أن تغيّر اتجاه الريح.
أنس، إن أردتَ
الحقيقة، ليس شخصًا بقدر ما هو فكرة.
هو إلهُ حبٍّ
لم يولد في السماء، بل وُلد في أرضٍ تشبه الضياع، لكنه قرر أن يمنحها معنى.
هو الطفل الذي
لم يمت رغم أن الحروب كلها مرّت فوق رأسه.
وإلينا؟
إلينا ليست
امرأة.
هي خريطة سلام
رسمتها الطبيعة، لكن الطبيعة تأخرت. فسبقتها إلينا، ورسمت نفسها بنفسها.
قررت أن تكون
أكثر من جسد، أكثر من اسم، أكثر من أنثى جميلة تُشفق على العالم...
قررت أن تكون
رسالة.
أما أنا...
ربما تعرفني؟
كارل جبران،
الغريب الذي جاء لهذا العالم لا ليكتب فقط، بل ليؤمن بأن الكتابة هي حضارة.
حضارة تُبنى من
الحبر والدمع والضحك، من كل ما يجعل الإنسان حرًا خارج سجن "التوقع"
و"الانتظار".
وأنت...
أنت ما زلت
تسأل عن مغزى هذه الرسالة؟
انتظر، لم أصل
بعد إلى المهم.
في النهاية، كل
شيء بدأ حين لم نكن نعرف كلميم، وانتهى حين قرر أنس أن يفتح فيها أول بيتٍ للخير
في وجه الشر.
نعم، نحن، أنا،
أنس، وعائلته، سنكون آخر باب يطرقه الخير،
حين تظن الشرور
أنها أغلقت كل الأبواب.
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق