هذا الليل
هذا الليل، الذي كنت أهرب منه، صار يؤنسني.
كنت أظنه فراغاً بارداً، لا يسكنه
غير صمتي… حتى رأيته يتكوّر وحيداً بين ذراعي هواجسي.
الليل، هذا الغريب القديم، يشبهني
كثيراً.
لا يخاطبني بصوت، لكنه يقول كل شيء.
لا يضع يده على كتفي، لكنه يجعلني
أشعر وكأن أحدهم هناك… دون أن يكون هناك أحد.
أيها الليل، لا تخف مني.
إنني لا أحمل لك سخطاً، ولا أرغب في
محوك، بل في الانصهار فيك.
فكّرت، كثيراً، في أشياء تتجاوز
اللغة، تتعدى الزمن، وتسبق المكان… أشياء لا يمكن حملها في العقول، بل تُحمل في
القلب، كأسرار دافئة أو جراح بلا اسم.
رأيتُ حقيقة الإنسان تمشي حافية في
غابة الآلهة… تائهة، مذهولة، تبحث عن نفسها بين ما فُرض عليها وما نسته عن ذاتها.
لا تخف…
دعني أبيت فيك ما تبقّى من هذا الشك،
من هذا العدم، من هذه الدوّامة التي لا أعرف إن كانت تسحبني نحو الأعماق أو ترفعني
إلى شيء يشبه المعنى.
إنني لا أطلب منك سوى أن تمنحني بعض
السكون…
بعض العتمة التي لا تخيف، بل تطهّر…
بعض الوحدة التي لا تقتل، بل تكشف.
فربما، حين يجيء الصباح، لا يجيء
كعادته…
بل يجيء في عينيّ،
فأرى العالم كما لو أنني وُلدتُ
للتو،
أو كأنني أنقذتُ نفسي أخيراً من نفسي.
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق