صدى إنسان غائب
أيُّ عيبٍ في الخطأِ؟ هل زلَّتِ الفطرةُ؟
أم أنَّهُ في قبضةِ قيدِ مذعورةُ؟
هو الإنسانُ... يولَدُ وفي يدهِ نهرٌ،
لكنَّهُ يُلقَّنُ منذُ الخطوةِ الأولى
أنَّ الماءَ إنْ سالَ، غرقٌ،
وأنَّ الريحَ إنْ هبَّتْ، عاصفةٌ،
وأنَّ المجازفةَ بابٌ، خلفَهُ هاويةٌ،
فيكبرُ وهوَ يخشى أنْ يكونَ،
وهوَ يُؤْمِنُ أنَّ الأمانَ في التردُّدِ،
وأنَّ التقدُّمَ رهْنُ العودةِ إلى الخلفِ!
من جعلَ العقلَ سجانًا لرغباتهِ؟
من قسَّمَ العمرَ بينَ الصوابِ والخطأِ
كأنَّهُ جدولٌ رياضيٌّ، لا يحتملُ الاحتمالَ؟
هوَ الإنسانُ... في يدِه الجسدُ، وفي رأسِه القيدُ،
يخافُ مِنَ اللذةِ، كأنَّها خديعةُ الحواسِّ،
ويرهبُ المجازفةَ، كأنَّها الطريقُ إلى الخطيئةِ،
يعيشُ بعقلٍ يخافُ أنْ يكونَ حُرًّا،
وقلبٍ يرتجفُ كلَّما نادى السؤالُ!
لماذا يزرعُ الخوفَ في كلِّ دربٍ؟
لماذا يخطُّ الدروبَ بحذرٍ كأنَّها ألغامٌ؟
لماذا يحنُّ إلى الاستقرارِ كأنَّهُ الموتُ المؤجلُ؟
هوَ الإنسانُ... يحبُّ السكونَ لأنَّ الحركةَ تُفْزِعُهُ،
يحبُّ الطرقَ المعبَّدةَ لأنَّ المجهولَ مرآةُ عجزِه،
يرى في المغامرينَ جنونًا،
ويرى في الخائفينَ حكمةً،
فيمضي في عُمْرٍ محكومٍ بالتكرارِ،
وفي قلبِه بذرةُ حلمٍ لم يُزْهِرْ يومًا!
ك.ج
تعليقات
إرسال تعليق