صراع الوفاء: مذكرات نهاية 2023

1

ما هو الفكر الاستراتيجي؟ أ يتحدد بالقدرة على رؤية لمستقبل وبناء حركات في اتجاهه دون التأثر بالفوضى؟ حاولت أن أرى المستقبل بخيالي العاطفي و الحدسي و بنيت حركات من أجل اتجاهه، وصلت ما أريد في حدود الزمن القريب… لكنني لا زلت أشك في حقيقة أن ربما كل ما حدث، حدث بالصدفة.

حينما كنت في فاس، عشت خيال طنجة… و كنت أبني الحركات كما لو أنني متأكد مما أقوم به… أنا الآن في طنجة، و لا أدري ماذا أستطيع أن أقوم به الآن..

إن الفكر الاستراتيجي ممكن، بيد أنه محدود جدا أمام سر اللحظة، فلطالما حلمت بأن أكون في مدينة طنجة، كنت أحلم بمختلف الأنشطة، التي لا تتوافق مع الأنشطة التي أقوم بها الآن..

 كنت أرغب في اقتحام عالم الأدب، فكنت أرى طنجة كمدينة بفضلها سأصبح كاتبا، و لكن ليومنا هذا، كنت و لازلت أعيش صدمة أنني في مدينة جديدة، لدرجة أن كل رغباتي اشتعلت بداخلي و صرت أعاتب نفسي.. و هذا، كل ما أعيشه الآن...لم يكن مصمما في البداية، أيام فاس.

 ما العمل؟ لاأدري… صرت أؤمن بأن الفكر الاستراتيجي هو خطوة لابد منها من أجل اكتشاف ما كان مخفيا وقت بناء الحركات الهادفة إلى المستقبل و المراد.

2

هنالك نوع من الحيرة تجري في اختياراتي و قراراتي، يمكن أن ألخصها في ثلاثة أبعاد: التعرف على الغرباء، التحليل الفرداني لأمور المجتمع و التردد في اكتشاف الأماكن الجديدة.

حينما أجلس وحيدا أشعر برغبة شديدة في أن أجالس غريبا و أعارفه. حينما أفعل أشعر بأن الجلوس وحيدا افضل.

حينما أجلس وحيدا، أحلل الأغيار، أشعر بأنني أفوتهم تجربة و معرفة، حينما أحلل نفسي، أكتشف كم أنا بلا تجربة ولا معرفة.

حينما أزور مكانا جديدا، اشعر بالسعادة، لكنها مؤقتة، وحالما أروي عطشي منه، أرغب بشدة في الرحيل.

3

بغض النظر عن أهمية الأخلاق في حياة الأفراد، أرى أن التعامل ينبني على الاقتصاد، فقيمة الفرد وذاته تصبح معتمة حينما لا يجد معنى لتفاعله و الأغيار، لهذا يصير الفرد تحت وصاية المجتمع الاقتصادية.

فمثلا، لا يمكن للفرد بلا ممتلكات أن يساعد، على عكس فرد بممتلكات كثيرة، يصير مصدرا للتعامل و التعارف و طلب المساعدة.

أحيانا كثيرة أجد نفسي أمام خيار الانعزال الأخلاقي و التفتح الاقتصادي مع الأغيار، رغم أن هذا الخيار لا يهدف إلى حياة سليمة، و لكنه حتمية من أجل البقاء على قيد الحياة الاجتماعية.

4

الشعور بالذنب و العتاب لا يفارقني، اشتريت مذكرة لأعود لأسلوب الاعتراف و البوح الداخلي، فوجدت نفسي أتفلسف و أكتب أفكارا لا تتناسب مع فكري اليومي، المليء بالقلق…أرشدت قلبي، أخبرته أن يبكي ما استطاع، بيد أنه كان قاسيا جدا معي، أرشدني أن أقبل بالعرض الإجتماعي وأعيش فردا سائدا، يعالج جراحه بما هو متعارف في الشارع و المؤسسات.

5

الجنس… ما دمت وحيدا فهو لغة الشيطان المفضلة لخطاب روحي. أجلس و أرى الشيطان بجانبي يخبرني بمعنى المتعة و ماذا يجب أن أفعل كي أحرر نفسي من هذا الضيق. رغم أنني لا أعُرف الشيطان بالمعنى الديني و الأخلاقي لكنني حائر أمام ذاتي التي اعتادت لسنوات أن تعرف الشيطان على أنه صوت الرغبة التي لا تأتي إلى بالندم… بالمِثل أرى الله، أيضا جالس بجانبي، يخبرني بقصص التقوى و معنى الإحسان لذاتي..أجد نفسي تائها بينهما، لا أدري لمن يجب أن أنصت… على أي ، لا الشيطان و لا الله،  يفهمان ما يجري بداخلي، كل واحد منهما يريد أن يتحكم بي، و يدفعني إلى القيام بأفعال ما.. لا أدري حتى الغاية منها… أشعر بالملل و الضجر و كل ما أريد التركيز عليه حقا هو الكتابة.

6

ما الغاية من الحب؟ جربت أن أعيش على إيقاعه، فلم أصل إلا إلى الحافة…لم أصعد القمة أبدا..فلا يمكن  أن أصل قمة الحب و الخيبات ترمي بي إلى الأسفل في كل مرة حاولت الصعود..

إنني أكتب حول الحب و هذا أمر لطالما قمت به... لا أعتقد أنني احقا اكتشفت بعدا جديدا في الحب… و لن أستسلم، فالخيبات في آخر المطاف مجرد عراقيل خلقت لسبب مجهول ربما… فقط لكي نستسلم…لكنني كائن لا يستسلم.

أحلم بحب إيقاعه يروي عطش الفضيلة بداخلي..أحلم بمكان أتمشى فيه و الأفكار تتساقط علي..أحلم بحياة حيث قلبي ينبض السلام و الطمأنينة. أحلم أن أصير صوت الإنسان الذي ضاع في تيهات العالم المعاصر..أحلم بـ عناق أبدي. 

7

أحلم بشدة أن أفهم كيف يقوم الأفراد بتحقيق رغباتهم.. لطالما و نفسي رغبت بفتاة جميلة بجانبي تضحك لي و تنسيني المعاناة بداخلي و تمنحني كل المتعة..لطالما تخيلتها بأحمر شفاه تلبس زيفا و زيها يدفعني إلى الجنون لكني لم أستطع يوما تحقيق هذه الرغبة..أ لأنها لا تلائم روحي الوفية للحب؟ أم لأنها رغبة الوصول إليها يحتاج الكثير من العمل على مستوى ظاهري؟ لا أدري… لكنني أريد أن أتعلم كيف… فهكذا و أنا وحيد..لم أجد أي متعة في اللحظة…أريد المحرم… لأنني استحق منافعه..فلطالما بقيت منغلقا على فكري الفلسفي السامي و لكن ماذا استفدت؟ لا شيء..إنني بدأت أدرك أن الحياة جوهرها في أن اكون شجاعا و أتخذ القرار دون أن أفكر كثيرا في نتائجه،  فالفكر الاستراتيجي، لا يدفعني إلا إلى الجنون…أريد شيئا يمنحني السلام و لا أدري ما هو… والعبارة الوحيدة التي لا تتوقف عن الجريان في فكري هي: تبا لي.