خلقنا لنتمشى

 

لا أتذكر متى أول يوم تعلمت فيه المشي، لكن هذا اليوم كان مهما في مصير فلسفة المشي التي أحب أن أكتب عنها مقالة اليوم... ما قيمة الحياة إذا كنا لا نستطيع أن نتمشى؟ أن نتحرك على هذه الأرض الواسعة؟ نستنشق الهواء و نفكر في أحلامنا و ما يسعدنا في الحياة؟

أعتقد أن المشيء فلسفة، نوع من التفكير المتحرك، حيث العقل يرمي هذه الفكرة و يأتي بأخرى، يراقب ما يحدث وقت الحركة و يتخايل ماذا يمكن أن يفعل؟ ربما قرار يجب أخذه أو رغبة يجب التفكير في كيف يمكن تحقيقها؟ و أحيانا يمكن أن تكون هذه الحركة سببا قويا في اختراع ألة، قصيدة أو مثل هذا المقال.

لماذا نتمشى؟



هل سبق أن تساءلت حقا لماذا المشي؟ أقصد، ماذا يمكن أن نتعلم من حكمة المشي؟ غير ما نعرفه جميعا، حركة عضلات و دم يجري و أرجل و "من نقطة أ إلى نقطة ب"... لا أدري ...  لكن سؤال "لماذا نتمشى؟" في نظري، أهم من سؤال: لماذا الكائنات البشرية تعيش في كوكب الأرض؟ و ما هو مصيرها؟"

 وهذه هي حججي:

أولا، خلقنا لنتمشى

الكائنات البشرية هي مجموعة من المشاة المبدعين الذين جالو كوكب الأرض كصيادين و قاطفي ثمار... المشي هو أصل البشرية...الحركة...الفضول... و حب اكتشاف المجهول.

ثانيا، حينما نتمشى نتطور

لا يمكن أن نتطور بلا حركة ونشاط، و في المشيء كل ما يحتاجه الإنسان ليكون مركزا. ملاحظا...مبدعا... و أهم شيء في مزاج جيد و فرح.

ثالثا، بعد المشيء، نحب المشي من جديد

نوع من الإدمان و لكنه إدمان صحي...مفيد للصحة العقلية و الجسدية و أيضا الفكرية... ففي المشي، نوع من التنظيم يقام بداخل الإنسان أحيانا و هو غير مدرك، كل ما يشعر به أنه بخير...

رابعا و أخيرا، و أنت تحاول أن تجيب على أعقد سؤال في العالم، ستحب أن تفكر فيه و أنت تتمشى...

هذا في نظري، يضرب كل الأسئلة عرض الحائط و يبقى سؤال المشيء أهم من سؤال السلام في كوكب الأرض... ففي نظري لو كان الجميع يتمشى في حياته اليومية بفلسفة مشي...لكان السلام يتمشى بين كل أحياء العالم أيضا مغردا لنا أفضل التغريدات.

في فلسفة المشي



كل ما كتبته أعلاه يمكن أن يدخل في سياق التعبير الأدبي والرومانسي للحياة؟ صحيح...؟ كيف إذن يمكن لي أن أمنحك جوابا عقلانيا يمكن به أن تطور فلسفة المشي الخاصة بك؟ فلنبدأ بطرح بعض الأسئلة و عن طريقها سأتركك تجد الجواب لنفسك.

1. هل تحب أن تتمشى و أنت في مزاج جيد أو العكس؟

2. و أنت تتمشى؟ هل تشعر بأنك تدير التفكير بداخلك؟ أم تشعر أنك رغم المشي كل شيء بداخلك عالق؟

3. هل أنت شريد الذهن و المشي؟ أم تعيش اللحظة باللحظة و ترى كل التفاصيل من حولك؟

هنالك سيناريوهات كثيرة في أجوبة الأسئلة أعلاه، فكل واحد منا و كيف هي ظروفه النفسية و الجسدية أيضا... فالمشيء سيبقى تمثلا؟ صحيح... هذا هو أول مبدأ: المشي هو أكثر تمثلنا للمشي أكثر من المشيء بحد ذاته. و هو مبدأ مهم، لأن الطفل في سنواته الأولى ما يدفعه للمشي هو الحاجة...الطبيعة بداخله... شيء فطري...لدينا ارجل... و لكن الكيفية و ما وراء المشيء بحد ذاته، ليس شيئا مكتوبا في حمضنا النووي... إنها الفلسفة التي تأتي ما بعد القدرة... فالمشيء كقدرة يتأثر بقدرة التمثل، لهذا أرى بأن أول شيء يمكن القيام به من أجل بناء فلسفة مشيء هو التفكير في الدوافع النفسية التي تجعلنا نتمشى؟ أ لأننا قلقون؟ أم لأن الطبيب نصحنا بذلك؟ أم فقط نحن نتمشى من مكان لمكان دون منح المشي لحظة تأمل أكثر من الأماكن التي نذهب إليها؟ 

إن التمثل مبدأ أراه جوهريا في بناء فلسفة للمشي خاصة بك، إضافة إليه هنالك مبدأ التمرين و الذي ربما ستكون قد وجدت نفسك تتحدث عنه و أنت تجيب على الأسئلة أعلاه. التمثل و التمرين هما مبدأين محورين في فلسفة المشي التي أحاول أن أشاركها معك.

كيف يتمثل الفلاسفة المشي؟

لو سألت فيلسوفا لماذا تتمشى؟ فغالبا لن يجيبك لأنه ذاهب إلى مكان ما، ربما سيسقط أرضا بسبب عدم تركيزه في المشيء كما حدث لفيلسوف قديم في أثينا... الفلاسفة يتمشون دائما، قبل المشي و أيضا بعد المشي... إنه سؤال مشي الفكرة في أذهانهم أكثر من أرجلهم و هي تخوض عراكا مع الأرض في غياب تركيز الفيلسوف... إنه خيال التفكير والمعرفة...فعند الفلاسفة، أرى أن المشيء نوعا ما ليس مهما...لأنهم اعتادوا المشي... صاروا يعتبرونه هوية لهم. 

كيف يتمثل إنسان عادي سائد المشي؟

ربما رياضة؟ ربما انتقال من مكان إلى مكان. قدرة فطرية....ربما سؤال لا معنى له في الفكر اليومي للناس؟ لا ادري و لكن لكثرة الفضول بداخلي سألت نفسي هذا السؤال، و بصراحة وجدت صعوبة في أن منح جوابا كاملا، فالجواب مبعثر... على أي، ربما اغلب الناس سيجيبون أنهم يتمشون لأنهم يتمشون، و أهم شيء هو أنهم حينما يتعبون من المشي يرتاحون...و الحقيقة أن اليوم هنالك وسائل نقل مريحة...لم يعد الفرد ربما يتمشى...

هل تمرين المشي مهم؟


أعتقد أجل... و أؤمن أن كل أطباء العالم سيقولون أيضا: أجل... ولكن كيف يمكن أن نتعلم المشي... ما هي تقنيات المشي؟ هل المشيء في الصباح الباكر؟ أم بالليل؟ المشي بانتظام؟ أم المشي الحر؟ ما علاقة المشي بالتنفس؟ لا أدرى أسئلة كثيرة سأحب أن أعرف أجوبتك أنت عنها أكثر من أمنحك أجوبتي... هل سبق أن فكرت في هذه الأسئلة؟ هل تتفق معي ومع الأطباء في أن المشي مهم؟

كلمات أخيرة

إن أفضل لحظة يمكن أن أتوقعها منك، وربما بالصدفة، أن تكون قد قمت بتمرين المشي، أو كنت فقط تتمشى، تعبت، وجلست لترتاح، ترقبت هاتفك، فوجدت مقالتي...لا أدري حقا كيف سيكون شعورك؟ ربما سأقول من الآن: أنك محظوظ؟ هل تؤمن بالتخاطر؟  هنالك عقائد قديمة حول المشي كوسيلة للتخاطر بين الأفراد.... أمزح معك.  سلامي.