كيف يصبح الكاتب كاتبا؟

 

ماذا يفعل الكاتب خلال يومه؟ هذا السؤال ربما كنت طرحته في وقت من الأوقات، ربما بعد إعجابك بمفكر أو روائي أو مسرحي، تساءلت و نفسك حول نمط حياته... فكيف يعيش الكتاب؟ و من أين يستلهم الكتاب أفكارهم، قصصهم و تحليلاتهم للواقع بطريقة إبداعية؟

سيكون نرجسيا إن اعتبرت نفسي كاتبا؟ و تحدثت باسم الكتاب؟ ربما هذا ما سيجول في خاطرك؟ كأنه تطفل على الميدان؟ أو تحليل لا يقوم على أساس التجربة... وهذا أمر طبيعي، فأنا ليس عندي أي كتاب منشور... بيد أنني أكتب كل يوم... فهل سيكون ممكنا أن أتحدث باسم الكتاب في هذه الحالة؟

الكاتب و ما بعد القراءة

الكتابة تتعدى النشر و لكن القراءة تستلزم عملية النشر...يمكن أن نبدأ قصة الجواب من هذا التناقض، بين القراءة و الكتابة... فلا يمكن أن نفهم الكتابة كنمط حياة إذا لم ندرك في البداية الفرق بين الكتابة من أجل النشر و الكتابة من أجل الحياة.

في نظري الكاتب الذي يعيش فلسفة الكتابة في حياته هو الكاتب الذي لا يكتب هدفا في القراءة، بيد أنه يكتب هدفا في اكتشاف الحقيقة التي تحوم حول التحديات التي تدفعه للكتابة. فالكاتب هو ليس مجرد عمل إبداعي، ولكن اجتهاد فكري من أجل حل مشكلة يعيشها الكاتب أو يحاول حل مشكلة يلاحظها عن طريق عملية الكتابة التي يعيشها أنطولوجيا قبل أن تكون مجرد مهنة يومية.

كيف يصبح الكاتب كاتبا؟

الكاتب لا يصبح كاتبا، ولكن الكتاب يمكن أن يصبح كتابا... إن الكاتب بحث في الذات عن طريق تجارب يعيشها الكاتب و نفسه في مستوى لغوي معقد، التساؤل و الخيال و القدرة على تكسير القواعد في الكتابة، تجعلني أفهم أن الكاتب هو رحلة لا علاقة لها بالكتابة... و لكن لا مخرج إلا بالكتابة من أجل التعبير عنها و مشاركتها و الآخرين.

إن الكاتب حالة حرجة في ذات الكاتب، و اسأل أي كاتب تعرفه، هل ما يكتبه حقا تجربة صعبة يعيشها، سيقول نعم إن كان في كتابته يهدف فهم الحقيقة حول ما يكتب.... سيكون جاوبه نفيا لهذا، إذا كان يوميا في كتاباته..

هل الطفل كاتب؟

أحب أن أذهب بالتحليل إلى عالم الأطفال، فدائما ما يقدمون لنا أجوبة مقنعة بخصوص أسئلة مثل هذه...هل تعتقد أن فعل الكتابة عند الأطفال فن كتابة؟ أي تعبير يمكن أن نتعلم منه شيئا؟ أم هي مجرد تمارين لتعلم اللغة؟ الأمر يعود إلى تعريفنا للغة من جهة و ثقتنا في خيال الأطفال من جهة أخرى... في نظري، الطفل كاتب، لأنه يعيش لحظة الكتابة، بل إنه حينما يكتب لأنه يريد... يكون هناك سبب وراء القصة... و هنا يمكن أن نتأكد أن الطفل يعيش رحلة ليس لتعلم اللغة و لكن لاستخدامها كوسيلة للبحث الأنطولوجي داخله... أجل إن البحث الأنطولوجي يبدأ منذ الطفولة.

عماذا نبحث نحن الكتاب؟

إن كنت أنا من سيجيب على هذا السؤال، فربما سأقول أننا، الكتاب، لا نبحث طبعا عن كتب جدبدة...ولكننا لا نستسلم للقضية، أقصد قضية أن الكتابة هي الجزء الأهم في فهم الواقع وتغييره خصوصا الواقع اليومي...ربما هنالك طرق أخرى للتعبير الفني كالموسيقى والرسم و ربما أيضا في بعض الرياضات...ولكن في الكتابة هنالك مستوى عالي من التركيز على الحلول التطبيقية أو التحرير الخيالي للقارئ... نوع من التواصل المباشر بين الكاتب و القراء.... في نظري هذا ما نبحث عنه، نحن الكتاب... أن نبقى دائما على خط التواصل مع قراءنا.

كلمات أخيرة: هل الكتابة نمط حياتي؟

نعم. هل يجب أن أبرر جوابي؟