أمودو: مفهوم العائلة بين الرحل و سكان المدن

أثناء مشاهدتي لحلقة من برنامج أمودو، أثار السارد فضولي حينما كان يتحدث عن قيم التضامن و التعاون بين رحل بني كيل في الجنوب الشرقي للمغرب، لقد أشار إلى  العادات والتقاليد التي تجمع عائلات الرحل و تدفع بهم إلى الالتحام أكثر و مشاركة الحياة، لحظاتها السعيدة و القاسية، و تبدأ هذه العادات التي تحمل بعدا في التواصل الاجتماعي مع  تقاليد الترحيب بالجار الجديد الذي حل على الهضبة  بخيمة و عائلة صغيرة و بعض الدواب، حيث يقوم السابقون للمكان  بدعوة الضيف و أسرته إلى مأدبة طعام، تعبيرا عن السلام و المودة، و النية، تأصيلا لحسن الجوار و محاولة لتقوية رابط الخير، ففي ذلك فوائد وحسنات للطرفين. 
يمكن التعميم أن  التعاون والتضامن مبدأ أخلاقي في كل عائلات المجتمع المغربي و ليس حسرا على رحل بني كيل، غير أن  بساطة إيقاع حياة هؤلاء الرحل يسهل ملاحظة قيمة التضامن و التعاون، فهم وظائفها المباشرة التي لا تتعدى حدود الهضبة، الأمر الذي سيكون صعبا إذا حاولنا فهم وظائف قيمة التعاون و التضامن بين سكان حي القامرة في الرباط مثلا، حيث الغرابة و القلق يهيمن على نمط التفكير وسلوك الساكنة.    
إن العائلة المدنية  تتجه مبدئيا لهدف إنجاب الأطفال، رعايتهم و السهر على تمدرسهم و تفوقهم الأكاديمي و المهني مستقبلا، إن صيرورة التنشئة الاجتماعية في هذه البنية مرتبطة في سعيها بأجهزة  المجتمع ( أو الدولة) خصوصا جهاز المدرسة، جهاز الإعلام و جهاز الشارع. الأمر الذي يختلف مع عائلات الرحل، الذين يعيشون على فلسفة البقاء، و الجهاز الوحيد الذي يرتبطون به هو جهاز الخيمة، فسعي الرحل أن تبقى الخيمة في سلام، و تفرح الأرض بالمطر لكي تهبهم و دوابهم مختلف النعم و البركات.
كارل جبران
لمشاهدة الحلقة التي تتحدث عن موضوع التدوينة، إضغط هنا