رسائل كارل جبران: زمن الأجداد

عاش أجدادنا على سفوح الجبال وكانت لكل واحد منهم خيمة بداخلها كل ما نسميه اليوم تراث الأجداد.  ارتحل أجدادنا بين الهضاب والسهول، اصطادوا من أنهار و غابات ولعب أطفالهم في البرك و بالطين بَنَوْ ما نسميه الآن أطلال القدماء.
كان أجدادنا يجتمعون في الليل حول النار، يتبادلون الأحاديث والأحاجي، يرقصون معا ويغنون، كانوا يعيشون على ريتم ثقافة نسميها في أيامنا الفلكلور الشعبي.
كان أجدادنا يتحدثون مع سماء الليل، ويسمون نجومها بأسماء تنتمي لمقدساتهم، كانوا يفهمون الطبيعة على منوال نصفه اليوم بالخرافي والأسطوري.
كان أجدادنا بسطاء، يتمشون على الأرض دون طمع، حينما كانوا يرون الأفق البعيد، يغلق كل واحد أعينه، يفتح فؤاده ويتمنى: " يا رب الأراضي الواسعة، أنعمنا، أفرحنا وكن لنا المعين..." كانوا يؤمنون بالأرض، بالخير، قنوعين كانوا واليوم نحن نجري دون أن نعرف على أي أرض نحن، ولا على أي خير نحن نبحث...
أجدادنا، كانوا يتنفسون الهواء الطلق، يعرفون المطر موسيقاه، الصباح نسيمه، الليل هدوءه، شروق الشمس طاقتها والأمل، غروب الشمس سكينتها والراحة، دفئ النار والانتماء، الماء خريره، التراب والريح، الزرع وثمار الأشجار... واليوم نحن تائهون بين المدن شاردة أذهاننا في إشهار، رسالة إلكترونية، أو مسلسل.
صحيح أن زمن الأجداد زمانٌ وزمننا زمن سيصبح بالنسبة للقادمين من بعدنا زمانا ربما سيحنون له كما أنا أحن لزمن الأجداد.
بيد أن الذين سبقونا لهذه الأرض يبقون إلى الأبد أقرب الكائنات البشرية لهدوء الحياة، ملمح الطبيعة ونشيد الموت  والحياة.
ك.ج