مارتن و كارل: فنجان قهوة

مارتن: كارل، لماذا تشرب القهوة؟ أقصد، إنك تشربها كل يوم وفي اليوم أكثر من مرة... إنك مدمن عليها وأريد أن أعرف الغاية من وجود كل هذه الفناجين خاصة ذلك الفنجان الذي نحت عليه عبارة " اعرف نفسك بنفسك"
كارل: (ساخرا) فقط أخبرني ما بالك هذا الصباح! هل تريد أن تبحث عن دليل جديد يجعلك تغير عصير البرتقال بالقهوة؟
مارتن: هنالك مئة ألف دليل لشرب القهوة، لكنني أريد أن أفهم علاقتك بها، أنت لم تحدثني أبدا عن تمثلك النفسي والفكري تجاه فناجين القهوة...
كارل: أنا أعرفني كلما ارتشفت فنجانا من القهوة، هل تعرف سحر فناجين القهوة؟
مارتن: أجل! هنالك من العرافين من يستعملون فنجان القهوة كوسيلة لتنبؤ مستقبل الفرد واكتشاف ما يجري وسيجري في حياته...
كارل: أجل، لكن سحري مختلف... إنه سحر بسيط في الحقيقة! سحر المتعة...
مارتن: كيف؟
كارل: القصة تبدأ أولا من لحظة التفكير في أنني بحاجة لفنجان قهوة، ثم بعدها، لحظة إعدادها، وفي النهاية، لحظة الجلوس على الكرسي وارتشافها رشفة برشفة حتى ينتهي الفنجان، فأجد في قاعه تلك العبارة التي تحدثت عنها " اعرف نفسك بنفسك"
مارتن: فلأخمن... و أنت تشرب القهوة تعيش سحر التنبؤ أو لأقل تعيش مستقبلا متوقعا مصدره أفكار كثيرة مبعثرة، كأن هنالك ضوضاء أو لأقل ضجيج في البحث عن الهوية و الاستقرار، و هذا الضجيج ينتهي بانتهاء القهوة فتظهر في القاع تلك العبارة لتخلق الهدوء و تقول لك " هل استمتعت بي يا كارل؟ هل عشت ضجة الشك والبحث؟ فلتسترح الآن فلا أحد يعرفك غير نفسك وما أنا إلا لحظات ممتعة تجري بك في عالم الضجة لتخرج بك منه بنفس هادئ يجعلك تنتقل من استراحة قهوة إلى نشاط إبداعي جديد..."
كارل: أنت عبرت عن الرحلة التي أعيش والقهوة بفن جميل...
مارتن: أجل! لأن هذا ما أعيش بالضبط وعصير البرتقال! رحلة الانتقال من نشاط إلى نشاط... إن ارتشاف فنجان قهوة أو كأس عصير من البرتقال ليس إلا انتقالا زمكانيا من هنا إلى هنالك، من ماذا فعلت الآن إلى ماذا يجب أن أفعل بعد الآن...
كارل: صحيح... وإن استعملت بعضا من عباراتي، سوف أقول " ارتشاف فنجان القهوة ليس مجرد ارتشاف قهوة إنه ارتشاف الماضي، الاستمتاع بمضيه وأخذ نفس عميق للترحيب بالقادم من حياتي أنشطتها.."
ك.ج