رسالة إلى قراء المدونة: " لماذا أكتب بإسم مارتن و كارل؟"

سألني صديقي: " لم أفهم لماذا تكتب باسم كارل ومارتن، لم أفهم هويتهما المرجعية، كما أن حوارياتهما حواريات بيزنطية، أشعر بأن خطهما التحريري متماثل لدرجة أنني في بعض الأحيان لا أعرف من يتحدث حقا هل مارتن أم كارل...؟"
وجدت في الحقيقة صعوبة في أن أشرح له مبدأ الكتابة التي أعتمدها، لكنني سأحاول الآن أن أشرح أكثر.
إن شخصيتا مارتن وكارل شخصيتان لا هوية مرجعية لهما، إنهما في الحقيقة مع كل حوار جديد يبنيان جزءا جديدا من هويتهما، إنهما مع كل حوارية جديدة يكتشفان بعضهما البعض ويكتشف كل واحد عن طريق الآخر بعدا جديدا في فكره ونفسيته.
ولكن لماذا مارتن؟ اسم مارتن ما هو أصله؟ ولماذا اخترت مارتن ولم أختر محمد أو حمو أو بوشعيب؟ بكل بساطة لأن هذا الاسم غربي لا علاقة له بالهوية الثقافية للكاتب الذي هو أنا، وهو أمر يجعلني أحرر شخصية مارتن من هويتي الثقافية ككاتب أمازيغي مغربي. إن مارتن اخترته بعشوائية من اسم الفيلسوف مارتن هايدغر، وأتذكر أول حوارية كتبتها كانت بين كارل ومارتن هايدغر، كانت تلك الحوارية تعالج قضية الوجود الزائف والوجود الأصيل، ومذاك أصبحت شخصية مارتن شخصية منفصلة عن مارتن هايدغر ولدت في صراع الوجود الأصيل والوجود الزائف، ترافق كارل في بحثه عن أصله وجوهره، صداقة وجودية.
بالنسبة لكارل، فقد سبق أن كتبت الكثير عن هذه الشخصية، ولكن بشكل مختصر، كارل هي شخصية رومانسية طوباوية تعيش في الخيال الفلسفي والعلمي، تنتقد الواقع وتحاول أن تبني نموذجا كاملا للإنسان الفكرة.
بالنسبة للخط التحريري، لست من نوع الكتاب الكلاسيكيين الذين يؤطرون الشخصيات في قفص وصفي كامل كالإله، يتحكمون في مواصفات وهوية الشخصية كما يريدون، إنني حينما أكتب حوارية، كل ما أفعل، كما قالت حنا إرندت في مقابلة ذات يوم، هو أنني أسمع الحوار داخليا وأعيد صياغته على الورقة.
إنني كاتب يرافق شخصياته في مغامرتها الفكرية والعاطفية، كاتب مخلص لخيال، عبث، وفوضى شخصياته.
ماذا عن القارئ في كل هذا؟ إنني لا أؤمن بالقارئ المستهلك لجاهزية نص أدبي يستوفي كل الشروط في إطار النقد الأدبي الكلاسيكي كي يقرأ النص مرة ويفهمه ويرحل، بل على العكس أؤمن بالقارئ الذي لا يتعب، تكون علاقته مع النصوص الأدبية علاقة بناءة، جوهرها العبث المتبادل، الخيال المتبادل والفوضى المتبادلة.
ك.ج