مارتن و كارل: البيانو

كارل: إن البيانو لآلة موسيقية بديعة فالعزف عليها عزفٌ لنظريات الكون كلها، أعتقد يا مارتن أن بالبيانو يمكن أن نعزف تعبيرا عن الحياة والموت، السعادة والتعاسة، الأمل والبؤس، الواقع والحلم...
مارتن: وأنا أنصت لك تعزف البيانو، أتوقف تدريجيا عن التفكير في أي شيء، أشعر بنفسي أعود باللحظات إلى الماضي، لحظة بلحظة حتى أول لحظة، لحظةَ ولدتُ، آنذاك تنبثق أول فكرة، فكرة الحياة. عزفك يجعلني أحيا وأشعر بالحياة، لا يجعلني أعاني أو رمزيا أموت...
كارل: أنت تحب الحياة يا مارتن، ملامحك تعبير فني عن الحركة والمرح، أنصتَ للبيانو أو للجيتار، تأملتَ لوحة فنية أو حركتَ أناملك على منحوتة ما، كيفما كان الفن الذي تتفاعل معه فهو دائما يعكس ذاتك، يعكس حبك للحياة ويعبر عن جوهر ذاتك المتمثل في طاقة الحياة. إنك مختلف عني كثيرا، لكنني أحب ارتباط المتين بفكرة الولادة وفكرة الاستمرار...
مارتن: أجل، كل ما ذكرت صحيح إلا ذكرك لأنني مختلف عنك، ألا تحب الحياة يا كارل...؟
كارل: أحب التعبير عنها، عزفها، كتابتها، رسمها، لكن عيشها أو الشعور بها، هذا أمر يجعلني أشعر بالتناقض، إنني يا مارتن لا أقدر على مواجهة الحياة قوتها وطاقتها، ذاتي ليست كذاتك، ولادتك ليست كولادتي، و مغزى استمرارك ليس هو مغزى استمراري... إننا أحياء لكن كل واحد منا و كيف يحيا، أنت لا تحتاج إلى الفن كي تحيا، لكنه يعكس حياتك كلما تفاعلت معه، كإنصاتك لمعزوفة بيانو، أما أنا فأحتاج إلى الفن كي أحيا، لأنني إذا لم أفعل فلن أجد كيف أوازي و أصنع السلام بين ضجيج الموت و المعاناة و وربيع الحب و الحياة... إنني لستُ مني يا مارتن...
مارتن: وهل أنا مني؟ إن الاختلاف الذي تتحدث عنه بدأ يتضح لي، أنت تعزف الحياة من أجل أن تعيشها وأنا أعيش الحياة دون أن أعزفها، وبين ذاك وهذا اختلاف كبير...
ك.ج