قوة الخيال
إن
الإنسان والخيال شيء واحد، بل إن جوهر الفرد خياله، فكلما كان الفرد خياله كلما
اتسعت ذاته وتحملت جنون الحياة والوهم الذي يعتريها، الوهم الذي يتجلى في جمالها،
عنفها والقساوة التي ترمي بالفرد منذ ولادته حتى مماته لأن يكون شيئا آخر غير
ذاته، أن يكون في ذاته ذات كل شيء.
الإنسان
كائن يحب التَخيل، يحبُ كل شيء بعيد عن مجاله ومتناوله، ومغرم بكل ما هو مستحيل،
وهذا هو طبع الحياة التي تحتضنه، تُحييه وتُميته، إن أنفاسها تذهب إلى حافة البُعد
وتخفي من المستحيلات أكثر مما تُظهر من الممكنات.
لا
تكفي حياة فرد واحد لكي يكتمل معنى الخيال، لذلك يتراكم الأفراد واحدا تلو الآخر،
تجربة تلو الأخرى، مجتمع تلو الآخر، تاريخ على تاريخ، خيال على خيال، كل هذا أملا
في أن تلمس الذات البشرية جوهر الحياة وخيالها، أملا في أن تتذوق طعم أن تحيا
وتدرك غرابة هذا الكون اللانهائي، غرابة أن تكون قادرة على كل شيء وغير قادرة على
أي شيء، غرابةُ الخيال الذي يجمع الناس ببعضها البعض، ليبنيَ الهوية،
الثقافة، المعنى، بل المقدس، أو بالأحرى يبنيَ الله.
ك.ج