في طفولتي
لا شيء ثار اهتمامي في تلك المرحلة غير أن أدرس بشكل متميز، كانت عندي علاقة مع الكتاب المدرسي غريبة أراها الآن: أحب اكتشافه، أسماء المؤلفين، الصور، الاستمتاع بقراءة النصوص بعيدا عن علاقتها بما يجب أن أفهمه و أتعلمه، ثم أيضا أن أسافر إلى القرية، كنت أعشق اللعب بين الوديان و الصعود إلى قمم الجبل، التعرف على أنواع الصخور و البحث عن الحيوانات في الكهوف و ما بين الأشجار، و لن أنس أبدا اهتمامي بقراءة قصص الأطفال المندرجة في إطار الثقافة العربية الإسلامية، لم تكن فرصة للتمرد و الانفتاح على العالم، لكنها كانت تجربة لتعلم التخيل، لبناء شخصيات أخرى داخلي بدل هذا الطفل الذي يراه المجتمع مجرد طفل.
المدرسة والطبيعة والقراءة شكلوا وبجلاء من أنا، وما أحلم أن أكون، لكن هذا لم يكن هو المهيمن في إدراكي للإنسان الذي أبنيه، لذا كانت أحلامي مجرد خرقة من أحلام واهية، لم أدركها جيدا، لأنني لم أناقشها مع أحد، لم تجد بداخلي سلاما، كنت أحب أن أصبح صحافيا، لكن لا شعوريا، لا أستطيع التعبير عن واقعي أصلا، لم أكن صحافيا في صغري فكيف لي أن أكونه في كبري، هذا ليس حلما نابعا من الحياة، إنه حلم نابع من الأحلام، وهذا كان تعريف الحلم في المدرسة والمنزل وبين الأطفال.
كأي طفل، رأيت في مرحلة الطفولة شيئا ليس جيدا، يجب أن أكبر، أن أكون رجلا، كم كان يدهشني الذين يدرسون في مستوى الثانوية، كبار، يتعاملون فيما بينهم بطريقة تختلف عنا نحن الصغار أحببت كثيرا دفاترهم الكبيرة الحجم، وخفة محافظهم..
كان يتبادر إلى ذهني أنهم رجال أحرار... فقررت أن أخطوا خطاهم، فكانت فرصة لأتعرف على مفهومين أصبحا مركزيين في وعي بذاتي: أن أكون رجلا، وأن أكون حرا... وفي هذا خبرة حياة عشتها مذآك حتى الآن.
ك.ج