رسائل: من أنت؟ قرار يعود لك وحدكَ
يقالُ
أن شخصية الإنسان تحدد مصيره، أقول أن القرارات التي يتخذها الفرد تحدد مصيره. لا
شكَ أن الشخصية ليست إلا مجموعة قرارات في آخر المطاف، تتمثل في كل أبعاد التواصل
بين الإنسان و نفسه ثم بينه و بين المحيط: قرارات نفسية/ عاطفية، قرارات لها علاقة
بنسقه التفكيري (العقائد و التمثلات...) ، ثم أخرى اجتماعية في علاقته بأفراد
المجتمع الذي يعيش فيه.
إذا
كان القرار جوهر الشخصية باعتبارها سيرورة متعددة الأبعاد في حياة الإنسان، فلماذا
يعود القرار لي وحدي في تحديد من أنا و من أكون أو ماذا أريد أن أكون..؟ لماذا
يعود القرار لك وحدك في تحديد من أنت و من تكون أو ماذا تريد أن تكون؟ لماذا يعود
القرار لنا وحدنا (نحن الكائنات الانسانية إن صح التعبير في ما تحاول الثقافة أن
تخبرنا عن هويتنا!) في تحديد من نحن و من نكون أو ماذا نريد أن نكون؟
الإنسان
ليس مركز كل شيء ما دام لا يشك في نفسه، ينتقد نفسه، أو لنقل يحاول أن يرى كيانه و
باستمرار بطريقة متجددة مرنة، تبحث عن الصائب و المقبول عقلانيا، المتماشي مع قدرة
العقل و التأمل و التجربة في فهم كل ما هو ممكن و متاح.
و إن
فعل كل هذا! أي مارس الشك على نفسه، البحث عن ذاته، رحلة التفكير و التأمل، محاولة
الخروج من القوقعة الثقافية للأنا و الغير و الطبيعة... فهذا لا يعني أنه أصبح
مركز كل شيء! بل أصبح يستطيع الانتقال من ذاته كمركز، إلى كل ما هو خارج عنه كوعي. بمعنى
أن أي قرار يتخذه الإنسان حول أي شيء في حياته، منبعه دائما وعي الإنسان نفسه،
تمثله، طريقه تفكيره في الأشياء، إدراكها... تصورها!
فإذا
كان الفرد منسجما مع النسق الثقافي السائد في الأرجاء، سيكون قراره شبيها للآخرين،
يمكن أن أتجرأ قولا بأن ستكون هنالك قرارات تنتظره ليتخذها، لأن هكذا سنة الحياة! لكن،
إذا كان الفرد منسجما مع عقله! أقصد تفكيره الذاتي، الذي سأسميه تفكير شخص عصامي،
يحاول تحدي السائد الثقافي في تمثل الواقع! سيكون قراره فريدا مختلفا و متميزا،
يعود له وحده!
إن
المجتمع يحدد مصير الإنسان، لأنه هو الذي يحدد شخصيته، إن المجتمع بهذا، يحدد
القرارات التي يجب أن يتخذها كل إنسان، لأنه يتحكم في سيرورة شخصيته بالتأثير
الثقافي متعدد الأبعاد... و هنا تكمن إرادة القطيعة التي اختزلتها قائلا:
"من أنت! قرار يعود لك وحدك"، لأنه هنالك احتمالين للجواب على سؤال من
أنت، إما أنك جزء من المجتمع الذي أنت منخرط فيه و تمارسُ الحياة فيك و من حولك تتمثلها
بناء على المجتمع، و إما إنك أجزاء متعددة منكَ تحاول أن تتناغم فيما بينها تحاول
في كل مرة أن تبدع كينونتك.
و في
الأخير، سأعتبرك و أعتبرني و أعتبر كل شخص في العالم، كائنا إنسانيا بامتياز يجب أن
يتمرد على كينونته الثقافية، يجب أن يستطيع القرار! فإن سأل نفسه من أنا؟ أو ماذا
أريد أن أكون؟ ارتحل في فكره و خياله، شغفه و فضوله، خالقا في نفسه بنفسه مغامرة
تستحق الحياة...تستحق المشاركة، تستحق التأريخ... و إن قررت من أنت و من تكون فقد
صنعت تاريخك.
ك.ج