سبتمبر: شهر الخريف و مشكلة البدايات
غدا ستشرق الشمس كما اعتدتُ شروقها منذ ولادتي، ضوء بسيط وغني بالفرحة يوقظ كل الطيور بنفس مرح يجعلها تغرد وتطير سعيدة تحتفل بالشهر التاسع، شهر سبتمبر. لست طائرا، لكنني مثل كل الطيور، غدا سأحتفل وأطير، لأن هذا الشهر شهر البدايات، الأحلام وكل الأمنيات، شهر الأمل والإحساس الراقي بمعنى الحياة، أو بالأحرى معنى الخريف. في الحقيقة، إن حياة الفرد لا فرق بينها وبين خريفه، فحياة الفرد هي ذاتها خريفه، وأسعد فرد هو الذي اكتشف معنى خريفه، واكتشاف معنى الخريف يبدأ بالاحتفال بشهر البدايات، شهر سبتمبر. في هذا الشهر، ستهب الرياح، ستتساقط الأوراق، ستصفر الحياة وسيبدو منظر كل شيء كأنه تائه تتلاعب به الفوضى، تجعله يرقص على ألحان غامضة ربما هي ألحان الشتاء القادم أو ألحان الركود المختفي في حافة الكون أو بعبارة مجازية: ألحان الانحدار التي ستجري كنهر عنيف في عاطفة كل فرد، بل في أفكاره وتهيؤاته. إن لحن الانحدار هو لحن الخريف، لحن مشكلة البداية ولحن المواجهة بين طريقين: طريق ولادة جديدة واستعداد لشتاء قديم أو طريق موت قديم خالد دائم وانتظار شتاء أصبح بالعادة تعريفا لهوية الإنسان النفسية، هوية الاست...